الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ له ثلاثة شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقُّهُ مُكَلَّفًا فَإِنْ كان صَبِيًّا أو مَجْنُونًا لم يَجُزْ اسْتِيفَاؤُهُ وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حتى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَعْقِلَ الْمَجْنُونُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَبٌ فَهَلْ له اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا على رِوَايَتَيْنِ وَحَكَاهُمَا أبو الْخَطَّابِ في بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ إحْدَاهُمَا: ليس له اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَهِيَ أَصَحُّ وَصَحَّحَهُمَا في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ. الثَّانِيَةُ: له اسْتِيفَاؤُهُ فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ يَجُوزُ له الْعَفْوُ على الدِّيَةِ نَصَّ عليه وَكَذَا الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ على الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْحَاكِمَ ليس لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأصحاب وَعَنْهُ يَجُوزُ لَهُمَا اسْتِيفَاؤُهُ أَيْضًا كَالْأَبِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إلَى النَّفَقَةِ فَهَلْ لِوَلِيِّهِمَا الْعَفْوُ على الدِّيَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْفُرُوعِ إحْدَاهُمَا: له الْعَفْوُ وهو الصَّوَابُ جَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ قال الْقَاضِي وهو الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالثَّانِي ليس له ذلك وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمَنْصُوصُ جَوَازُ عَفْوِ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ دُونَ الصَّبِيِّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ لِلْأَبِ الْعَفْوُ خَاصَّةً. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا أو قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا احْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُمَا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ لَهُمَا دِيَةُ أَبِيهِمَا في مَالِ الْجَانِي وَتَجِبُ دِيَةُ الْجَانِي على عاقلتهما [عاقلتها] وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. قَوْلُهُ: الثَّانِي اتِّفَاقُ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ على اسْتِيفَائِهِ وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ دُونَ بَعْضٍ بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا قِصَاصَ عليه وَعَلَيْهِ لِشُرَكَائِهِ حَقَّهُمْ من الدِّيَةِ وَتَسْقُطُ عن الْجَانِي في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وفي الْآخِرِ لهم ذلك من تَرِكَةِ الْجَانِي وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْجَانِي على قَاتِلِهِ يَعْنِي بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وفي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ يَسْقُطُ حَقُّهُمْ على رِوَايَةِ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَيْنًا وَيَأْتِي آخِرُ الْبَابِ إذَا قَتَلَ جَمَاعَةً فَاسْتَوْفَى بعضهم من غَيْرِ إذْنِ أَوْلِيَاءِ الْبَاقِينَ.
فائدة: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَإِنْ كان الْعَافِي زَوْجًا أو زَوْجَةً وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ بَعْضِهِمْ وَلَوْ مع فِسْقِهِ لِكَوْنِهِ أَقَرَّ بِأَنَّ نَصِيبَهُ سَقَطَ من الْقَوَدِ ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ قُلْت فَيُعَايَى بها. قَوْلُهُ: وَلِلْبَاقِينَ حَقُّهُمْ من الدِّيَةِ على الْجَانِي وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وقال في التَّبْصِرَةِ إنْ عَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَقِيَّةِ الدِّيَةُ وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ حَقُّهُمْ من الدِّيَةِ فيه رِوَايَتَانِ انتهى. قَوْلُهُ: فَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ عَالِمِينَ بِالْعَفْوِ وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ فَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ عليهم وَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كان الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ أو بَعْضُهُمْ غَائِبًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وحكى في الرِّعَايَتَيْنِ وَمَنْ تَابَعَهُ رِوَايَةً بِأَنَّ لِلْحَاضِرِ مع عَدَمِ الْعَفْوِ الْقِصَاصَ كَالرِّوَايَةِ التي في الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ الْآتِيَةِ ولم نَرَهَا لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أو مَجْنُونًا فَلَيْسَ لِلْبَالِغِ الْعَاقِلِ الِاسْتِيفَاءُ حتى يَصِيرَا مُكَلَّفَيْنِ في الْمَشْهُورِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ له ذلك.
فائدة: لو مَاتَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ قبل الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ قام وَارِثُهُمَا مَقَامَهُمَا في الْقِصَاصِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَعِنْدَ ابن أبي موسى يَسْقُطُ الْقَوَدُ وَتَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ. قَوْلُهُ: وَكُلُّ من وَرِثَ الْمَالَ وَرِثَ الْقِصَاصَ على قَدْرِ مِيرَاثِهِ من الْمَالِ حتى الزَّوْجَيْنِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ يَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ ذَكَرَهَا بن الْبَنَّا وَخَرَّجَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهَا.
فائدة: هل يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ الْقِصَاصَ ابْتِدَاءً أَمْ يَنْتَقِلُ عن مَوْرُوثِهِ فيه رِوَايَتَانِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ إحْدَاهُمَا: يَسْتَحِقُّونَهُ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ يَجِبُ بِالْمَوْتِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَالثَّانِيَةُ: يَنْتَقِلُ عن مَوْرُوثِهِ لِأَنَّ سَبَبَهُ وُجِدَ في حَيَاتِهِ وهو الصَّوَابُ قِيَاسًا على الدِّيَةِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الدِّيَةِ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ. قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا وَارِثَ له وَلِيُّهُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأصحاب وقال في الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ في الْقَوَدِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ لِأَنَّ بِنَا حَاجَةً إلَى عِصْمَةِ الدِّمَاءِ فَلَوْ لم يُقْتَلْ لَقُتِلَ كُلُّ من لَا وَارِثَ له قَالَا وَلَا رِوَايَةَ فيه وفي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ كَوَالِدٍ لِوَلَدِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ عَفَا عنه ظَاهِرُهُ شَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ كَامِلَةً وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذلك قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ له أَخْذُ الدِّيَةِ قال في الْقَوَاعِدِ قَالَهُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ ليس له الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ الْمَسْأَلَةُ. الثَّانِيَةُ: الْعَفْوُ مَجَّانًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا جَوَازُهُ وهو وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأصحاب وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ليس له ذلك وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ قَالَهُ الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: الثَّالِثُ أَنْ يُؤْمَنَ في الِاسْتِيفَاءِ التَّعَدِّي إلَى غَيْرِ الْقَاتِلِ فَلَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ على حَامِلٍ أو حَمَلَتْ بَعْدَ وُجُوبِهِ لم تُقْتَلْ حتى تَضَعَ الْوَلَدَ وَتُسْقِيَهُ اللِّبَأَ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ ثُمَّ إنْ وُجِدَ من يُرْضِعْهُ وَإِلَّا تُرِكَتْ حتى تَفْطِمَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ له الْقَوَدُ إنْ غُذِّيَ بِلَبَنِ شَاةٍ.
فائدة: مُدَّةُ الرَّضَاعِ حَوْلَانِ كَامِلَانِ وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ أنها تَلْزَمُ بِأُجْرَةِ رَضَاعِهِ. قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَصُّ منها في الطَّرَفِ حَالَ حَمْلِهَا بِلَا نِزَاعٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْتَصُّ منها بَعْدَ الْوَضْعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الْمُغْنِي لَا يُقْتَصُّ منها في الطَّرَفِ حتى تَسْقِيَ اللِّبَأَ وزاد في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَتَفْرُغَ من نِفَاسِهَا وقال في الْبُلْغَةِ هِيَ فيه كَمَرِيضٍ وَأَنَّهُ إنْ تَأَثَّرَ لَبَنُهَا بِالْجَلْدِ ولم يُوجَدْ مُرْضِعٌ أُخِّرَ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْحَدِّ في ذلك حُكْمُ الْقِصَاصِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي تَأْخِيرَ الرَّجْمِ حتى تَفْطِمَهُ وَقِيلَ يَجِبُ التَّأْخِيرُ حتى تَفْطِمَهُ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ تُتْرَكُ حتى تَفْطِمَهُ قال في الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقِصَاصِ في النَّفْسِ من الْحَامِلِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَحْدُودَةِ فَإِنَّهَا لَا تُرْجَمُ حتى تَفْطِمَ مع وُجُودِ الْمُرْضِعَةِ وَعَدَمِهَا لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ أَسْهَلُ وَلِذَلِكَ تُحْبَسُ في الْقِصَاصِ وَلَا تُحْبَسُ في الْحَدِّ وَلَا يُتَّبَعُ الْهَارِبُ فيه. قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَتْ الْحَمْلَ اُحْتُمِلَ أَنْ يُقْبَلَ منها فَتُحْبَسُ حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يُقْبَلَ منها إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ وَعِبَارَتُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْخُلَاصَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال في التَّرْغِيبِ لَا قَوَدَ على مَنْكُوحَةٍ مُخَالَطَةٍ لِزَوْجِهَا وفي حَالَةِ الظِّهَارِ احْتِمَالَانِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ اُقْتُصَّ من حَامِلٍ وَجَبَ ضَمَانُ جَنِينِهَا على قَاتِلِهَا هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ في الشَّرْحِ إنْ كان الْإِمَامُ وَالْوَلِيُّ عَالِمَيْنِ بِالْحَمْلِ وَتَحْرِيمِ الِاسْتِيفَاءِ أو جَاهِلَيْنِ بِالْأَمْرَيْنِ أو بِأَحَدِهِمَا أو كان الْوَلِيُّ عَالِمًا بِذَلِكَ دُونَ الْحَاكِمِ فَالضَّمَانُ عليه وَحْدَهُ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَالْحَاكِمُ سَبَبٌ وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ دُونَ الْوَلِيِّ فَالضَّمَانُ على الْحَاكِمِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ مَعْذُورٌ وقال الْقَاضِي إنْ كان أَحَدُهُمَا عَالِمًا وَحْدَهُ فَالضَّمَانُ عليه وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ فَالضَّمَانُ على الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الضَّمَانُ على الْإِمَامِ وَالثَّانِي على الْوَلِيِّ وقال أبو الْخَطَّابِ يَجِبُ على السُّلْطَانِ الذي مَكَّنَهُ من ذلك ولم يُفَرِّقْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ حَدَثَ قبل الْوَضْعِ وقال في الْمُذْهَبِ في ضَمَانِهَا وَجْهَانِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السُّلْطَانَ يَضْمَنُ هل تَجِبُ الْغُرَّةُ في مَالِ الْإِمَامِ أو في بَيْتِ الْمَالِ فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إحْدَاهُمَا: تَجِبُ في بَيْتِ الْمَالِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي في بَابِ الْعَاقِلَةِ وَالرِّوَايَةُ. الثَّانِيَةُ: يَضْمَنُهَا في مَالِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَقُلْنَا يَضْمَنُهُ السُّلْطَانُ فَهَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ على عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أو في بَيْتِ الْمَالِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ إحْدَاهُمَا: تَجِبُ على عَاقِلَةِ الْإِمَامِ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ. الثَّانِيَةُ: تَجِبُ في بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ من خَطَأِ الْإِمَامِ على ما يَأْتِي قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ خَطَأَ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ في بَيْتِ الْمَالِ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَائِلِ بَابِ الْعَاقِلَةِ. قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ أو نَائِبِهِ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ الِاسْتِيفَاءُ بِغَيْرِ حُضُورِ السُّلْطَانِ إذَا كان الْقِصَاصُ في النَّفْسِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَيْنِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لو خَالَفَ وَاسْتَوْفَى من غَيْرِ حُضُورِهِ وَقَعَ مَوْقِعَهُ وَلِلسُّلْطَانِ تَعْزِيرُهُ وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ لِافْتِيَاتِهِ فَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يُعَزِّرُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ له كَالْمَالِ وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن هَانِئٍ مثله. الثَّانِيَةُ: قال في النِّهَايَةِ يُسْتَحَبُّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُحْضِرَ الْقِصَاصَ عَدْلَيْنِ فَطِنَيْنِ حتى لَا يَقَعَ حَيْفٌ وَلَا جُحُودٌ وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَاجَ إلَى أُجْرَةٍ فَمِنْ مَالِ الْجَانِي هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَالْحَدِّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ من مُسْتَحَقِّي الْجِنَايَةِ وقال بَعْضُ الأصحاب يُرْزَقُ من بَيْتِ الْمَالِ رَجُلٌ يَسْتَوْفِي الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ وقال أبو بَكْرٍ يُسْتَأْجَرُ من مَالِ الْفَيْءِ فَإِنْ لم يَكُنْ فَمِنْ مَالِ الْجَانِي. قَوْلُهُ: وَالْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بين الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ إن كان يُحْسِنُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ ليس له أَنْ يَسْتَوْفِيَ في الطَّرَفِ بِنَفْسِهِ بِحَالٍ وهو تَخْرِيجٌ لِلْقَاضِي وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ في الطَّرَفِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُوَكِّلُ فِيهِمَا كما لو كان يَجْهَلُهُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَشَاحَّ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ في الِاسْتِيفَاءِ قُدِّمَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يُعَيِّنُ الْإِمَامُ أَحَدَهُمْ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى فَعَلَى الْمَذْهَبِ من وَقَعَتْ له الْقُرْعَةُ يُوَكِّلُهُ الْبَاقُونَ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لو اقْتَصَّ الْجَانِي من نَفْسِهِ فَفِي جَوَازِهِ بِرِضَى الْوَلِيِّ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في المنور [المحرر] والوجيز [والحاوي] وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَ في التَّرْغِيبِ لَا يَقَعُ ذلك قَوَدًا وقال في الْبُلْغَةِ يَقَعُ ذلك قَوَدًا وقال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ قال وَلَوْ أَقَامَ حَدَّ زِنًا أو قَذْفٍ على نَفْسِهِ بِإِذْنٍ لم يَسْقُطْ بِخِلَافِ قَطْعِ سَرِقَةٍ وَيَأْتِي إذَا وَجَبَ عليه حَدٌّ هل يَسْقُطُ بِإِقَامَتِهِ على نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا في كِتَابِ الْحُدُودِ. الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ له أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ إنْ قَوِيَ عليه وَأَحْسَنَهُ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ السِّوَاكِ وَلَيْسَ له الْقَطْعُ في السَّرِقَةِ لِفَوَاتِ الرَّدْعِ وقال الْقَاضِي على أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْقَطْعُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَبَتْ يَدُهُ فَجَنَى على نَفْسِهِ ولم يَعْتَبِرْ الْقَاضِي على جَوَازِهِ إذْنًا قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ اعْتِبَارُهُ قال وهو مُرَادُ الْقَاضِي وَهَلْ يَقَعُ الْمَوْقِعَ يُتَوَجَّهُ على الْوَجْهَيْنِ في الْقَوَدِ قال وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ في حَدِّ زِنًا وَقَذْفٍ وَشُرْبٍ كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ في الْقَطْعِ في السَّرِقَةِ وهو قَطْعُ الْعُضْوِ الْوَاجِبِ قَطْعُهُ وَعَدَمُ حُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ بِجَلْدِهِ نَفْسِهِ وقد يُقَالُ بِحُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرُ بِحُصُولِ الْأَلَمِ وَالتَّأَذِّي بِذَلِكَ انتهى. قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ في النَّفْسِ إلَّا بِالسَّيْفِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْأصحاب قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَاخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ قال في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ في قَوَدٍ وَحَقُّ اللَّهِ لَا يَجُوزُ في النَّفْسِ إلَّا بِسَيْفٍ لِأَنَّهُ أَزَجْرُ لَا بِسِكِّينٍ وَلَا في طَرَفٍ إلَّا بها لِئَلَّا يَحِيفَ وَأَنَّ الرَّجْمَ بِحَجَرٍ لَا يَجُوزُ بِسَيْفٍ انتهى. وفي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يُفْعَلُ بِهِ كما فَعَلَ إلَّا ما اسْتَثْنَى أو يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فقال هذا أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْعَدْلِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَوْضَحُ دَلِيلًا فَعَلَيْهَا وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَعَلَ بِهِ ذلك وَإِنْ قَتَلَهُ بِحَجَرٍ أو أَغْرَقَهُ أو غير ذلك فُعِلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ من مِفْصَلٍ أو غَيْرِهِ أو أَوْضَحَهُ فَمَاتَ فُعِلَ بِهِ كَفِعْلِهِ في هذه الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فيها الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو قَوْلُ غَيْرِ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ هُنَا يقتل [قتل] وَلَا يُزَادُ عليه رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وهو قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ ذلك فِيمَا لو انْفَرَدَ لم يَكُنْ فيه قِصَاصٌ كما لو أَجَافَهُ أو أَمَّهُ أو قَطَعَ يَدَهُ من نِصْفِ ذِرَاعِهِ أو رِجْلَهُ من نِصْفِ سَاقِهِ أو يَدًا نَاقِصَةً أو شَلَّاءَ أو زَائِدَةً وَنَحْوَهُ فَسَرَى وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِمَا لَا يَجِبُ فيه قِصَاصٌ كَالْقَطْعِ من مِفْصَلٍ وَالْمُوضِحَةِ وَمَثَّلَ لِمَا يَجِبُ فيه الْقِصَاصُ كَالْقَطْعِ من الْمِفْصَلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لو قَطَعَ يَدَيْهِ أو رِجْلَيْهِ أو جَرَحَهُ جُرْحًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لو انْفَرَدَ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ على الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا فَيَصِحُّ تَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِقَطْعِ الْيَدِ من الْمِفْصَلِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ من الطَّرَفِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي الْخَطَّابِيِّ وَجَمَاعَةٍ فَفِي كُلٍّ من الْمَسْأَلَتَيْنِ طَرِيقَانِ وَلَكِنَّ التَّرْجِيحَ مُخْتَلِفٌ وَحَيْثُ قُلْنَا يُفْعَلُ بِهِ مِثْلَ ما فَعَلَ وَفَعَلَ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وفي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ أو الدِّيَةُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وقال في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَعَنْهُ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ إنْ كان مُوجِبًا وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ إنْ كان مُوجِبًا أو مُوجِبًا لِقَوَدِ طَرَفِهِ لو انْفَرَدَ وَإِلَّا فَلَا فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لو فَعَلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ فَقَدْ أَسَاءَ ولم يَضْمَنْ وَأَنَّهُ لو قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ قبل الْبُرْءِ فَفِي دُخُولِ قَوَدِ طَرَفِهِ في قَوَدِ نَفْسِهِ كَدُخُولِهِ في الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي إحْدَاهُمَا: يَدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ في قَوَدِ النَّفْسِ وَيَكْفِي قَتْلُهُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالرِّوَايَةُ. الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ في قَوَدِ النَّفْسِ فَلَهُ قَطْعُ طَرَفِهِ ثُمَّ قَتْلُهُ قال في التَّرْغِيبِ فَائِدَةُ الرِّوَايَتَيْنِ لو عَفَا عن النَّفْسِ سَقَطَ الْقَوَدُ في الطَّرَفِ لِأَنَّ قَطْعَ السِّرَايَةِ كَانْدِمَالِهِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو قَطَعَ طَرَفًا ثُمَّ عَفَا إلَى الدِّيَةِ كان له تَمَامُهَا وَإِنْ قَطَعَ ما يُوجِبُ الدِّيَةَ ثُمَّ عَفَا لم يَكُنْ له شَيْءٌ وَإِنْ قَطَعَ أَكْثَرَ مِمَّا يُوجَبُ بِهِ دِيَةٌ ثُمَّ عَفَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ ما زَادَ على الدِّيَةِ أَمْ لَا فيه احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الِاقْتِصَارُ على ضَرْبِ عُنُقِهِ أَفْضَلُ وَإِنْ قَطَعَ ما قَطَعَ الْجَانِي أو بَعْضَهُ ثُمَّ عَفَا مَجَّانًا فَلَهُ ذلك وَإِنْ عَفَا إلَى الدِّيَةِ لم يَجُزْ بَلْ له ما بَقِيَ من الدِّيَةِ فَإِنْ لم يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ. قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ على ما أتى رِوَايَةً وَاحِدَةً وَلَا قَطْعُ شَيْءٍ من أَطْرَافِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا قِصَاصَ فيه عليه بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَتَجِبُ فيه دِيَتُهُ سَوَاءٌ عَفَا عنه أو قَتَلَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تجب فيه دِيَتُهُ إنْ لم يَسْرِ الْقَطْعُ وَجَزَمُوا بِهِ في كُتُبِ الْخِلَافِ وَقَالُوا أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ ابن منصور أو يَقْتُلُهُ.
فائدة: لو قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ الْمَجْنِيُّ عليه رِجْلَ الْجَانِي فَقِيلَ هو كَقَطْعِ يَدِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِيَةُ رِجْلِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَرَضُوا بِقَتْلِهِ قُتِلَ لهم وَلَا شَيْءَ لهم سِوَاهُ وَإِنْ تَشَاحُّوا فِيمَنْ يَقْتُلُهُ منهم على الْكَمَالِ أُقِيدَ لِلْأَوَّلِ وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْخِرَقِيِّ وقال في الْمُغْنِي يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ وَإِنْ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ انتهى. وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَقْيَسُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ يُقَادُ لِلْكُلِّ اكْتِفَاءً مع الْمَعِيَّةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وقال في الِانْتِصَارِ إذَا طَلَبُوا الْقَوَدَ فَقَدْ رضي كُلُّ وَاحِدٍ بِجُزْءٍ منه وَأَنَّهُ قَوْلٌ الإمام [للإمام] أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُجْبَرَ له بَاقِي حَقِّهِ بِالدِّيَةِ وَيَتَخَرَّجُ يُقْتَلُ بِهِمْ فَقَطْ على رِوَايَةِ وُجُوبِ الْقَوَدِ بِقَتْلِ الْعَمْدِ.
فوائد: الْأُولَى: لو قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَشَاحُّوا في المستوفى أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ بَادَرَ غَيْرُ من وَقَعَتْ له الْقُرْعَةُ فَقَتَلَهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ إلَى الدِّيَةِ وَإِنْ قَتَلَهُمْ مُتَفَرِّقًا وَأَشْكَلَ الْأَوَّلُ وَادَّعَى وَلِيُّ كل وَاحِدٍ منهم أَنَّهُ الْأَوَّلُ وَلَا بَيِّنَةَ لهم فَأَقَرَّ الْقَاتِلُ لِأَحَدِهِمْ قُدِّمَ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا على الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لم يُقِرَّ أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِلَا خِلَافٍ. الثَّانِيَةُ: لو عَفَا الْأَوَّلُ عن الْقَوَدِ فَهَلْ يُقْرَعُ بين الْبَاقِينَ أو يُقَدَّمُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ أو يُقَادُ لِلْكُلِّ مَبْنِيٌّ على ما تَقَدَّمَ من الْخِلَافِ. الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَ وَقَطَعَ طَرَفًا قُطِعَ طَرَفُهُ ثُمَّ قُتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَا قَوَدَ حتى يَنْدَمِلَ وَلَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وَإِصْبَعَ آخَرَ قُدِّمَ رَبُّ الْيَدِ إنْ كان أَوَّلًا وَلِلْآخَرِ دِيَةُ إصْبَعِهِ وَإِنْ كان آخِرًا قُدِّمَ رَبُّ الْإِصْبَعِ ثُمَّ يُقْتَصُّ رَبُّ الْيَدِ وفي أَخْذِهِ دِيَةَ الْإِصْبَعِ الْخِلَافُ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ له دِيَةَ الْإِصْبَعِ قُلْت وهو الصَّوَابُ.
فائدة: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ أَيْدِي جَمَاعَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَتْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْأصحاب وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ في تَيَمُّمِ من لم يَجِدْ إلَّا مَاءً لِبَعْضِ بَدَنِهِ وَلَوْ قَطَعَ يُمْنَى رِجْلَيْهِ فَقُطِعَتْ يَمِينُهُ لَهُمَا أَخَذَ منه نِصْفَ دِيَةِ الْيَدِ لكل [الكل] مِنْهُمَا فَيَجْمَعُ بين الْبَدَلِ وَبَعْضِ الْمُبْدَلِ.
فائدة: لو بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ في النَّفْسِ أو في الطَّرَفِ فَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ على الْجَانِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وفي كِتَابِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهُ على الْمُقْتَصِّ وَقَدَّمَ الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ وابن رَزِينٍ يَرْجِعُ على قَاتِلِهِ وقال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ بَلْ على قَاتِلِ الْجَانِي وَقِيلَ إنْ سَقَطَ الْقَوَدُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ في جَوَازِ اسْتِيفَاءِ أَحَدِهِمْ فَعَلَى الْجَانِي وَإِنْ سَقَطَ لِلشَّرِكَةِ فَعَلَى المستوفي وَتَقَدَّمَ إذَا اسْتَوْفَى بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْقِصَاصَ من غَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْبَابِ حَيْثُ قال وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ. بسم الله الرحمن الرحيم
قَوْلُهُ: وَالْوَاجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ الْقِصَاصُ أو الدِّيَةُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْخِيَرَةُ فيه إلَى الْوَلِيِّ فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا إلَى غَيْرِ شَيْءٍ وَالْعَفْوُ أَفْضَلُ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتِيفَاءُ الْإِنْسَانِ حَقَّهُ من الدَّمِ عَدْلٌ وَالْعَفْوُ إحْسَانٌ وَالْإِحْسَانُ هُنَا أَفْضَلُ لَكِنَّ هذا الْإِحْسَانَ لَا يَكُونُ إحْسَانًا إلَّا بَعْدَ الْعَدْلِ وهو أَنْ لَا يَحْصُلَ بِالْعَفْوِ ضَرَرٌ فإذا حَصَلَ بِهِ ضَرَرٌ كان ظُلْمًا من الْعَافِي إمَّا لِنَفْسِهِ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ فَلَا يُشْرَعُ قُلْت وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في آخِرِ الْمُحَارِبِينَ وقال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ مُطَالَبَةُ الْمَقْتُولِ بِالْقِصَاصِ تُوجِبُ تَحَتُّمَهُ فَلَا يُمَكَّنُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ ذلك من الْعَفْوِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ اخْتَارَ الْقِصَاصَ فَلَهُ الْعَفْوُ على الدِّيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ أَعْلَى فَكَانَ له الِانْتِقَالُ إلَى الأدني وَيَكُونُ بَدَلًا عن الْقِصَاصِ وَلَيْسَتْ هذه الدِّيَةُ هِيَ التي وَجَبَتْ بِالْقَتْلِ وَعَلَى هذا أَكْثَرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ فَلَهُ ذلك في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ ليس له ذلك لِأَنَّهُ أَسْقَطَهَا بِاخْتِيَارِهِ الْقِصَاصَ فلم يَعُدْ إلَيْهَا وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وهو وَجْهٌ في التَّرْغِيبِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا إنْ اخْتَارَ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقِصَاصُ ولم يَمْلِكْ طَلَبَهُ كما قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو اخْتَارَ الْقِصَاصَ كان له الصُّلْحُ على أَكْثَرَ من الدِّيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقِيلَ ليس له ذلك وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ من الْأصحاب وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الصُّلْحِ حَيْثُ قال وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عن الْقِصَاصِ بِدِيَاتٍ وَبِكُلِّ ما يَثْبُتُ مَهْرًا وَاسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ هُنَاكَ فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ: وَلَهُ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ وَإِنْ سَخِطَ الْجَانِي يَعْنِي إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا وَهَذَا هو الصَّحِيحُ على هذه الرِّوَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ قال في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ مُوجِبُهُ الْقَوَدُ عَيْنًا مع التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا وَعَنْهُ أَنَّ مُوجِبَهُ الْقَوَدُ عَيْنًا وَأَنَّهُ ليس له الْعَفْوُ على الدِّيَةِ بِدُونِ رضى [رضا] الْجَانِي فَيَكُونُ قَوَدُهُ بِحَالِهِ انتهى. فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ إذَا لم يَرْضَ الْجَانِي فَقَوَدُهُ بَاقٍ وَيَجُوزُ له الصُّلْحُ بِأَكْثَرَ من الدِّيَةِ وقال الشِّيرَازِيُّ لَا شَيْءَ له وَلَوْ رضي وَشَذَّذَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: فَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا وَقُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَلَهُ الدِّيَةُ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا أو على غَيْرِ مَالٍ أو عن الْقَوَدِ مُطْلَقًا وَلَوْ عن يَدِهِ فَلَهُ الدِّيَةُ على الْأَصَحِّ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى: خَاصَّةً وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا وَقُلْنَا يَجِبُ بِالْعَمْدِ قَوَدٌ أو دِيَةٌ وَجَبَتْ على الْأَصَحِّ وَإِنْ قُلْنَا الْقَوَدُ فَقَطْ سَقَطَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ ليس له شَيْءٌ وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ لو عَفَا عن الْقِصَاصِ ولم [ولما] يذكر مَالًا فَإِنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ قُلْنَا أَحَدُ شَيْئَيْنِ ثَبَتَ الْمَالُ وَخَرَّجَ ابن عقِيلٍ أَنَّهُ إذَا عَفَا عن الْقَوَدِ سَقَطَ وَلَا شَيْءَ له بِكُلِّ حَالٍ على كل قَوْلٍ قال صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ وَهَذَا ضَعِيفٌ انتهى. وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ قال لِمَنْ عليه قَوَدٌ في نَفْسٍ أو طَرَفٍ قد عَفَوْت عَنْك أو عن جِنَايَتِك فَقَدْ بريء من قَوَدِ ذلك وَدِيَتِهِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ من الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْعَافِي أَنَّهُ أَرَادَهَا بِلَفْظِهِ وَقِيلَ يَبْرَأُ منها إلَّا أَنْ يَقُولَ إنَّمَا أَرَدْت الْقَوَدَ دُونَ الدِّيَةِ فَيُقْبَلُ منه مع يَمِينِهِ انتهى. وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ وَحْدَهُ سَقَطَ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ قُلْنَا أَحَدُ شَيْئَيْنِ انْصَرَفَ الْعَفْوُ إلَى الْقِصَاصِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى يَسْقُطَانِ جميعا ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ.
فائدة: لو عَفَا عن الْقَوَدِ إلَى غَيْرِ مَالٍ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَلَا مَالَ له في نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُ هذا لَغْوٌ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَالْمَالُ جميعا فَإِنْ كان مِمَّنْ لَا تَبَرُّعَ له كَالْمَحْجُورِ عليه لِفَلَسٍ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمَرِيضُ فِيمَا زَادَ على الثُّلُثِ وَالْوَرَثَةُ مع اسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ لِلتَّرِكَةِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْمَالُ وهو الْمَشْهُورُ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَالثَّانِي يَسْقُطُ وفي الْمُحَرَّرِ أنه الْمَنْصُوصُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أن الْعَفْوَ لَا يَصِحُّ في قَتْلِ الْغِيلَةِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ كَالْقَتْلِ مُكَابَرَةً وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا في قَاتِلِ الْأَئِمَّةِ يُقْتَلُ حَدًّا لِأَنَّ فَسَادَهُ عَامٌّ أَعْظَمُ من الْمُحَارِبِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ في تَرِكَتِهِ وَكَذَا لو قُتِلَ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي في الْمَوْتِ وَقَدَّمَاهُ في الْقَتْلِ وَقِيلَ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ وَقَتْلِهِ وَخَرَّجَهُ وَجْهًا وَسَوَاءٌ كان مُعْسِرًا أو مُوسِرًا وَسَوَاءٌ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا أو الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَعَنْهُ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إذَا قُتِلَ إلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي فَيُخَيَّرُ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ بين قَتْلِهِ أو الْعَفْوِ عنه وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ في تَرِكَتِهِ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ في الْقَوَاعِدِ النَّصَّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وقد فَاتَ أَحَدُهُمَا فَتَعَيَّنَ الْآخَرُ قال وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا وقال الْقَاضِي يَجِبُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: وإذا قَطَعَ إصْبَعًا عَمْدًا فَعَفَا عنه ثُمَّ سَرَتْ إلَى الْكَفِّ أو النَّفْسِ وكان الْعَفْوُ على مَالٍ فَلَهُ تَمَامُ الدِّيَةِ يَعْنِي تَمَامَ دِيَةِ ما سَرَتْ إلَيْهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ قَطَعَ إصْبَعًا عَمْدًا فَعَفَا عنها فَسَرَتْ إلَى الْكَفِّ فقال لم أَعْفُ عن السِّرَايَةِ وَلَا عن الدِّيَةِ صُدِّقَ إنْ حَلَفَ وَلَهُ دِيَةُ كَفِّهِ وَقِيلَ دُونَ إصْبَعٍ وَقِيلَ تُهْدَرُ كَفُّهُ بِعَفْوِهِ وَإِنْ سَرَتْ إلَى نَفْسِهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ فَقَطْ وَقِيلَ إنْ كان الْعَفْوُ إلَى مَالٍ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ يَجِبُ نِصْفُهَا وَقِيلَ الْكُلُّ هَدَرٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ عَفَا على غَيْرِ مَالٍ فَلَا شَيْءَ له في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ له تَمَامَ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ قال الْقَاضِي الْقِيَاسُ أَنْ يَرْجِعَ الْوَلِيُّ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عليه إنَّمَا عَفَا عن نِصْفِهَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا انْبَنَى على الرِّوَايَتَيْنِ في مُوجِبِ الْعَمْدِ فَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَهُوَ كما لو عَفَا على مَالٍ وَإِنْ قِيلَ الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَهُوَ كما لو عَفَا إلَى غَيْرِ مَالٍ وَقَطَعَ بِهِ ابن منجا في شَرْحِهِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال في الْفُرُوعِ فَلَهُ الدِّيَةُ على الْأَصَحِّ على الْأَوْلَى خَاصَّةً وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ له نِصْفُ الدِّيَةِ وَقِيلَ تَسْقُطُ الدِّيَةُ كُلُّهَا كما ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَ الْجَانِي الْعَافِي عن الْقَطْعِ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ أو الدِّيَةُ كَامِلَةً وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وقال الْقَاضِي ليس له إلَّا الْقِصَاصُ أو تَمَامُ الدِّيَةِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فائدة: إذَا قال لِمَنْ عليه قَوَدٌ عَفَوْت عَنْك أو عن جِنَايَتِك بَرِيء من الدِّيَةِ كَالْقَوَدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصّ عليه وَقِيلَ يَبْرَأُ من الدِّيَةِ إذَا قَصَدَهَا بِقَوْلِهِ وَقِيلَ إنْ ادَّعَى قَصْدَ الْقَوَدِ فَقَطْ قُبِلَ وَإِلَّا بريء وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ بَقِيَتْ الدِّيَةُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ: وإذا وَكَّلَ رَجُلًا في الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا ولم يَعْلَمْ الْوَكِيلُ حتى اقْتَصَّ فَلَا شَيْءَ عليه يَعْنِي على الْوَكِيلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ وهو وَجْهٌ قال في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وقال غَيْرُ أبي بَكْرٍ يَخْرُجُ في صِحَّةِ الْعَفْوِ وَجْهَانِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في الْوَكِيلِ هل يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ قبل عِلْمِهِ أَمْ لَا قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ كما تَقَدَّمَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ فَيَرْجِعُ بِهِ على الْمُوَكِّلِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ لَا يَرْجِعُ بِهِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابن منجا فَعَلَى هذا الْوَجْهِ وهو أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ يَكُونُ في مَالِهِ حَالًّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وقال أبو الْخَطَّابِ يَكُونُ على عَاقِلَتِهِ اخْتَارَهُ في الْهِدَايَةِ فَعَلَيْهِمَا إنْ كان عَفَا إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ لِلْعَافِي على الْجَانِي. قَوْلُهُ: وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَافِي يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ يَعْنِي إذَا قُلْنَا إنَّ الْوَكِيلَ لَا شَيْءَ عليه ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُ وهو الْمَذْهَبُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ عَفَا عن قَاتِلِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ صَحَّ سَوَاءٌ كان بِلَفْظِ الْعَفْوِ أو الْوَصِيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ في الْقَوَدِ إنْ كان الْجُرْحُ لَا قَوَدَ فيه إذَا بريء صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.
فائدة: لو قال عَفَوْت عن الْجِنَايَةِ وما يَحْدُثُ منها صَحَّ ولم يَضْمَنْ السِّرَايَةَ فَإِنْ كان عَمْدًا لم يَضْمَنْ شيئا وَإِنْ كان خَطَأً اُعْتُبِرَ خُرُوجُهُمَا من الثُّلُثِ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ السُّقُوطُ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في النَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَإِنْ قال عَفَوْت عن هذا الْجُرْحِ أو هذه الضَّرْبَةِ فَعَنْهُ يَضْمَنُ السِّرَايَةَ بِقِسْطِهَا من الدِّيَةِ وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَإِنْ قال عَفَوْت عن هذه الْجِنَايَةِ وَأَطْلَقَ لم يَضْمَنْ السِّرَايَةَ وَإِنْ قَصَدَ بِالْجِنَايَةِ الْجُرْحَ فَفِيهِ على الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قَدَّمَ في النَّظْمِ عَدَمَ الضَّمَانِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ على الرِّوَايَةِ الْأُولَى: في التي قَبْلَهَا وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبْرَأهُ من الدِّيَةِ أو وَصَّى له بها فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ هل تَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ إحْدَاهُمَا: تَصِحُّ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَتُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ قال الشَّارِحُ هَكَذَا ذَكَرَهُ في كِتَابِ الْمُقْنِعِ ولم يُفَرِّقْ بين الْعَمْدِ والخطأ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي إنْ كان خَطَأً اُعْتُبِرَتْ من الثُّلُثِ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ تَصِحُّ من كل مَالِهِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ. الثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَتَقَدَّمَ ما يُشَابِهُ ذلك في بَابِ الْمُوصَى له عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا جَرَحَهُ ثُمَّ أَوْصَى له فَمَاتَ من الْجُرْحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ عَفْوُهُ عن الْمَالِ وَلَا وَصِيَّتُهُ بِهِ لِقَاتِلٍ وَلَا غَيْرِهِ إذَا قُلْنَا يَحْدُثُ على مِلْكِ الْوَرَثَةِ وقد تَقَدَّمَ أَيْضًا في بَابِ الْمُوصَى بِهِ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ هل يَدْخُلُ في الْوَصِيَّةِ أَمْ لَا فَلْيُرَاجَعْ وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ لَا الْوَصِيَّةِ وقال في التَّرْغِيبِ أَيْضًا تَخَرَّجَ في السِّرَايَةِ في النَّفْسِ رِوَايَاتٌ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا وَالثَّالِثَةُ: يَجِبُ النِّصْفُ بِنَاءً على أَنَّ صِحَّةَ الْعَفْوِ ليس بِوَصِيَّةٍ وَيَبْقَى ما قَابَلَ السِّرَايَةَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عنها قال وَذَهَبَ ابن أبي موسى إلَى صِحَّتِهِ في الْعَمْدِ وفي الخطأ من ثُلُثِهِ قُلْت وَذَكَرَ أَيْضًا هذا الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبْرَأَ الْقَاتِلَ من الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ على عَاقِلَتِهِ أو الْعَبْدَ من جِنَايَتِهِ التي يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ لم يَصِحَّ في الْأُولَى: قَوْلًا واحد [واحدا] وَلَا يَصِحُّ في الثَّانِيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ ولم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَصِحُّ إبْرَاءُ الْعَبْدِ من جِنَايَتِهِ التي يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ أو السَّيِّدَ صَحَّ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ منه بِحَالٍ على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ تَجِبُ الدِّيَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْمَقْتُولِ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ قال وَفِيهِ بُعْدٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قِصَاصٌ أو تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَلَهُ طَلَبُهُ وَالْعَفْوُ عنه وَلَيْسَ ذلك لِلسَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وقال ابن عَقِيلٍ في حَدِّ الْقَذْفِ ليس لِلسَّيِّدِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَالْعَفْوُ عنه لِأَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا يَمْلِكُ ما كان مَالًا أو طَلَبَ بَدَلٍ هو مَالٌ كَالْقِصَاصِ فَأَمَّا ما لم يَكُنْ مَالًا وَلَا له بَدَلٌ هو مَالٌ فَلَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ كَالْقَسَمِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالْعُنَّةِ. وقال ابن عبد الْقَوِيِّ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ يَحْتَمِلُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ الْمُطَالَبَةَ بِالدِّيَةِ ما لم يَعْفُ الْعَبْدُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ لِلسَّيِّدِ الْمُطَالَبَةَ بِالدِّيَةِ فيه إسْقَاطُ حَقِّ الْعَبْدِ مِمَّا جَعَلَهُ الشَّارِعُ مُخَيَّرًا فيه فَيَكُونُ مَنْفِيًّا قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ لنا في عِتْقِ الْعَبْدِ مُطْلَقًا في جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَجْهَانِ من مَسْأَلَةِ الْمُفْلِسِ وَهُنَا أَوْلَى بِعَدَمِ السُّقُوطِ إذْ ذَاتُ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ انتهى.
قَوْلُهُ: كُلُّ من أُقِيدَ بِغَيْرِهِ في النَّفْسِ أُقِيدَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَمَنْ لَا فَلَا يَعْنِي وَمَنْ لَا يُقَادُ بِغَيْرِهِ في النَّفْسِ لَا يُقَادُ بِهِ فِيمَا دُونَهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بين الْعَبِيدِ مُطْلَقًا نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ وَمُهَنَّا وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بَيْنَهُمْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَعَنْهُ لَا قَوَدَ بَيْنَهُمْ في النَّفْسِ وَالطَّرَفِ حتى تَسْتَوِيَ الْقِيمَةُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ قال حَرْبٌ في الطَّرَفِ كَأَنَّهُ مَالٌ إذَا اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في بَابِ شُرُوطِ الْقِصَاصِ. قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ إلَّا بِمِثْلِ الْمُوجِبِ في النَّفْسِ وهو الْعَمْدُ الْمَحْضُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ يَجِبُ الْقِصَاصُ أَيْضًا في شِبْهِ الْعَمْدِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً. قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجْرِي الْقِصَاصُ في الْأَلْيَةِ وَالشَّفْرِ على وَجْهَيْنِ أَطْلَقَ في إجْرَاءِ الْقِصَاصِ في الْأَلْيَةِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ إحْدَاهُمَا: يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهِمَا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهِمَا قُلْت وهو الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في إجْرَاءِ الْقِصَاصِ في الشَّفْرِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فيه وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ فيه قُلْت وهو الصَّوَابُ وقال في الْخُلَاصَةِ فَلَا قِصَاصَ فيه في الْأَظْهَرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ في الطَّرَفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا الْأَمْنُ من الْحَيْفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ في اللَّطْمَةِ وَنَحْوِهَا لإنه لَا يُؤْمَنُ في ذلك الْحَيْفِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَالشَّالَنْجِيُّ الْقَوَدُ في اللَّطْمَةِ وَنَحْوِهَا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ قالوا ما أَصَابَ بِسَوْطٍ أو عَصًا وكان دُونَ النَّفْسِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَلِكَ أَرَى وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا قِصَاصَ بين الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا في أَدَبٍ يُؤَدِّبُهَا بِهِ فَإِنْ اعْتَدَى أو جَرَحَ أو كَسَرَ يُقْتَصُّ لها منه وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إذَا قَتَلَهُ بِعَصًا أو خَنَقَهُ أو شَدَخَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ يُقْتَلُ بِمِثْلِ الذي قَتَلَ بِهِ لِأَنَّ الْجُرُوحَ قِصَاصٌ وَنَقَلَ أَيْضًا كُلُّ شَيْءٍ من الْجِرَاحِ وَالْكَسْرِ يُقْدَرُ على الِاقْتِصَاصِ يُقْتَصُّ منه لِلْأَخْبَارِ وَاخْتَارَ ذلك الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ثَبَتَ ذلك عن الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رضي اللَّهُ تعالى عَنْهُمْ.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا:تَقَدَّمَ في أَثْنَاءِ الْغَصْبِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَإِنْ كان مَصُوغًا أو تِبْرًا هل يُقْتَصُّ في الْمَالِ مِثْلُ شَقِّ ثَوْبِهِ وَنَحْوِهِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ في الطَّرَفِ الْأَمْنُ من الْحَيْفِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ بن حَمْدَانَ تَبَعًا لِأَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ أَمْنُ الْحَيْفِ وهو أَخَصُّ من إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا اشْتَرَطَ إمْكَانَ الِاسْتِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ وَتَبِعَهُ أبو مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدِ وَجَعَلَ الْمَجْدُ أَمْنَ الْحَيْفِ شَرْطًا لِجَوَازِ الِاسْتِيفَاءِ وهو التَّحْقِيقُ وَعَلَيْهِ لو أَقْدَمَ وَاسْتَوْفَى ولم يَتَعَدَّ وَقَعَ الْمَوْقِعُ وَلَا شَيْءَ عليه وَكَذَا صَرَّحَ الْمَجْدُ وَعَلَى مُقْتَضَى قَوْل ابن حَمْدَانَ وما في الْمُقْنِعِ تَكُونُ جِنَايَةً مُبْتَدَأَةً يَتَرَتَّبُ عليها مُقْتَضَاهَا انتهى. قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ما قَالَهُ عن بن حَمْدَانَ وَالْمُصَنِّفُ إذَا أَقْدَمَ وَاسْتَوْفَى أَكْثَرُ ما فيه أَنَّا إذَا خِفْنَا الْحَيْفَ مَنَعْنَاهُ من الِاسْتِيفَاءِ فَلَوْ أَقْدَمَ وَفَعَلَ ولم يَحْصُلْ حَيْفٌ فَلَيْسَ في كَلَامِهِمَا ما يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: فَإِنْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ أو قَطَعَ من نِصْفِ السَّاعِدِ أو السَّاقِ وَكَذَا لو قَطَعَ من الْعَضُدِ أو الْوَرِكِ فَلَا قِصَاصَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال في الْهِدَايَةِ هو الْمَنْصُوصُ وَاخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وَالْأصحاب وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ قال أصحابنَا لَا قِصَاصَ وفي الْوَجْهِ الْآخَرِ يُقْتَصُّ من حَدِّ الْمَارِنِ وَمِنْ الْكُوعِ وَالْمَرْفِقِ وَالرُّكْبَةِ وَالْكَعْبِ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ فِيمَا قَطَعَهُ من نِصْفِ الْكَفِّ أو زَادَ قَطْعَ الْأَصَابِعِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قَطَعَ يَدَهُ من الْكُوعِ ثُمَّ تأكلت إلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ فَلَا قَوَدَ له أَيْضًا اعْتِبَارًا بِالِاسْتِقْرَارِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وقال الْمَجْدُ يُقْتَصُّ هُنَا من الْكُوعِ أو الْكَعْبِ. قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجِبُ له أَرْشُ الْبَاقِي على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ له أَرْشٌ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهُرُ الْوَجْهَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي له الْأَرْشُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ قَدَّمَ في الْمُغْنِي في قَصَبَةِ الْأَنْفِ حُكُومَةً مع الْقِصَاصِ وقال فِيمَنْ قَطَعَ من نِصْفِ الذِّرَاعِ ليس له الْقَطْعُ من ذلك الْمَوْضِعِ وَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ في الْمَقْطُوعِ من الذِّرَاعِ وَهَلْ له أَنْ يَقْطَعَ من الْكُوعِ فيه وَجْهَانِ وَمَنْ جَوَّزَ له الْقَطْعَ من الْكُوعِ فَعِنْدَهُ في وُجُوبِ الْحُكُومَةِ لِمَا قَطَعَ من الذِّرَاعِ وَجْهَانِ.
تنبيه: الْخِلَافُ هُنَا يَعُودُ على كِلَا الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي سَوَاءً قُلْنَا يُقْتَصُّ أو لَا يُقْتَصُّ قال في الْفُرُوعِ وَعَلَيْهِمَا في أَرْشِ الْبَاقِي وَلَوْ خَطَأً وَجْهَانِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ إنَّمَا حَكَى ذلك على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ مع أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ الْخِلَافَ على الْوَجْهِ الثَّانِي وهو الْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ وَعَلَى كل حَالٍ الْخِلَافُ جَارٍ في الْمَسْأَلَتَيْنِ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ: وَيُقْتَصُّ من الْمَنْكِبِ إذَا لم يَخَفْ جَائِفَةً بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إنْ خِيفَ هل له أَنْ يَقْتَصَّ من مِرْفَقِهِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي أَحَدُهُمَا له ذلك وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له ذلك. الثَّانِيَةُ: لو خَالَفَ وَاقْتَصَّ مع خَشْيَةِ الْحَيْفِ أو من مَأْمُومَةٍ أو جَائِفَةٍ أو نِصْفِ ذِرَاعٍ وَنَحْوِهِ أَجْزَأَهُ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وإذا أَوْضَحَ إنْسَانًا فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنَيْهِ أو سَمْعُهُ أو شَمُّهُ فإنه يُوضِحُهُ فَإِنْ ذَهَبَ ذلك وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فيه ما يُذْهِبُهُ من غَيْرِ أَنْ يجري على حَدَقَتِهِ أو أُذُنِهِ أو أَنْفِهِ هذا الْمَذْهَبُ أَعْنِي اسْتِعْمَالَ ما يُذْهِبُ ذلك وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْمُنَوِّرِ قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِيَتُهُ من غَيْرِ اسْتِعْمَالِ ما يُذْهِبُهُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ في مَالِهِ أو على عَاقِلَتِهِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُهَا عليه وَلَوْ أَذْهَبَ ذلك عَمْدًا بِشَجَّةٍ لَا قَوَدَ فيها أو لَطْمَةٍ فَهَلْ يُقْتَصُّ منه بِالدَّوَاءِ أو تَتَعَيَّنُ دِيَتُهُ من الِابْتِدَاءِ على الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.
فائدة: وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا لَطَمَهُ فَأَذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنَيْهِ أو غَيْرَهَا.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: وَإِنْ لم يُمْكِنْ إلَّا بِالْجِنَايَةِ على هذه الْأَعْضَاءِ سَقَطَ يَعْنِي الْقَوَدُ وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ. الثَّانِي: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا تُؤْخَذُ أَصْلِيَّةٌ بِزَائِدَةٍ وَلَا زَائِدَةٌ بِأَصْلِيَّةٍ أَنَّ الزَّائِدَةَ تُؤْخَذُ بِالزَّائِدَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَوِيَا مَحِلًّا وَخِلْقَةً وَلَوْ تَفَاوَتَا قَدْرًا جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ بها أَيْضًا فَإِنْ اخْتَلَفَا لم تُؤْخَذْ بها قَوْلًا وَاحِدًا.
فائدة: تُؤْخَذُ كَامِلَةُ الْأَصَابِعِ بِزَائِدَةٍ إصْبَعًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا تُؤْخَذُ بها فَإِنْ ذَهَبَتْ الْإِصْبَعُ الزَّائِدَةُ فَلَهُ الْأَخْذُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَاضَيَا عليه لم يَجُزْ يَعْنِي إذَا تَرَاضَيَا على أَنْ يَأْخُذَ الْأَصْلِيَّةَ بِالزَّائِدَةِ أو عَكْسِهِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ فَعَلَا أو قَطَعَهَا تَعَدِّيًا أو قال أَخْرِجْ يَمِينَك فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا أَجْزَأَتْ على كل حَالٍ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وقال ابن حَامِدٍ إنْ أَخْرَجَهَا عَمْدًا لم يَجُزْ ويستوفي من يَمِينِهِ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخْرَجَهَا دَهْشَةً أو ظَنًّا أنها تُجْزِئُ فَعَلَى الْقَاطِعِ دِيَتُهَا هذا ظَاهِرُ كَلَامِ ابن حامد وَاخْتِيَارُهُ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فَعَلَى الْقَاطِعِ دِيَتُهَا إنْ عَلِمَ أنها يَسَارٌ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَيُعَزَّرُ وَجَزَمَ بِهِ وَاخْتَارَ ابن حامد أَيْضًا أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا عَمْدًا وَقَطَعَهَا أنها تَذْهَبُ هَدَرًا انتهى. وَقَوْل ابن حَامِدٍ ويستوفي من يَمِينِهِ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَسَارِ يَعْنِي إذَا لم يَتَرَاضَيَا فَأَمَّا إنْ تَرَاضَيَا فَفِي سُقُوطِهِ إلَى الدِّيَةِ وَجْهَانِ وقال في التَّرْغِيبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ دَهِشَ اُقْتُصَّ من يَسَارِ الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّثَبُّتِ وقال إنْ قَطَعَهَا عَالِمًا عَمْدًا فَالْقَوَدُ وَقِيلَ الدِّيَةُ وَيُقْتَصُّ من يُمْنَاهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ. قَوْلُهُ: الثَّالِثُ اسْتِوَاؤُهُمَا في الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ فَلَا يُؤْخَذُ لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا إلَّا عن دَاوُد ابن علِيٍّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ في لِسَانِ النَّاطِقِ بِأَخْرَسَ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ: وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ وَلَا عِنِّينٍ وهو الْمَذْهَبُ فِيهِمَا اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِمَا وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يُؤْخَذُ ذَكَرُ الْفَحْلِ بِذَكَرِ الْعِنِّينِ خَاصَّةً اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال الْقَاضِي وَتَبِعَهُ في الْخُلَاصَةِ وَلَا يُؤْخَذُ ذَكَرُ الْفَحْلِ بِالْخَصِيِّ وفي ذَكَرِ الْعِنِّينِ وَجْهَانِ قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَتَبِعَهُ في الْهِدَايَةِ وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ هل في ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أو حُكُومَةٌ على رِوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ: إلَّا مَارِنُ الْأَشَمِّ الصَّحِيحِ يُؤْخَذُ بِمَارِنِ الْأَخْشَمِ وَالْمَجْذُومِ وَالْمُسْتَحْشِفِ وَأُذُنُ السَّمِيعِ بِأُذُنِ الْأَصَمِّ الشَّلَّاءِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ في أَخْذِ الصَّحِيحِ بِالْمُسْتَحْشِفِ الْوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يُؤْخَذُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَخْذَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ وَالْأَنْفِ الْأَشَمِّ بِالْأَنْفِ الْأَخْشَمِ وَبِالْأُذُنِ الْأَصَمِّ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ عَدَمَ أَخْذِ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ وَالْأَنْفِ الصَّحِيحَةِ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ الْمَخْزُومَتَيْنِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَخْذَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ بِالْأُذُنِ الشَّلَّاءِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُؤْخَذُ بِهِ في الْجَمِيعِ قال الآدمي في مُنْتَخَبِهِ لَا يُؤْخَذُ عُضْوٌ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ قال في الْمُحَرَّرِ وقال الْقَاضِي يُؤْخَذُ في الْجَمِيعِ إلَّا في الْمَخْزُومِ خَاصَّةً.
تنبيه: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَخْذَ أُذُنِ السَّمِيعِ بِأُذُنِ الْأَصَمِّ الشَّلَّاءِ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ولم أَرَ الْأصحاب ذَكَرُوا إلَّا الصَّمَمَ مُنْفَرِدًا وَالشَّلَلَ كَذَلِكَ من غَيْرِ جَمْعٍ فَلَعَلَّهُ سَقَطَ من هُنَا وَاوٌ وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ بإذن الْأَصَمِّ وَالشَّلَّاءِ مُوَافَقَةً لِكَلَامِ الْأصحاب مع أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ وُجُودُ الْخِلَافِ في صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ الْمَعِيبُ من ذلك كُلِّهِ بِالصَّحِيحِ وَبِمِثْلِهِ إذَا أُمِنَ من قَطْعِ الشَّلَّاءِ التَّلَفُ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ مع الْقِصَاصِ أَرْشٌ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَصَحُّ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وفي الْوَجْهِ الْآخَرِ له دِيَةُ الْأَصَابِعِ النَّاقِصَةِ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي. قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ له من أَجْلِ الشَّلَلِ هذا الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَشَيْخِهِ وَقِيلَ الشَّلَلُ مَوْتٌ قال في الْفُنُونِ سَمِعْته من جَمَاعَةٍ من الْبُلْهِ الْمُدَّعِينَ لِلْفِقْهِ قال وهو بَعِيدٌ وَإِلَّا لَأَنْتَنَ وَاسْتَحَالَ كَالْحَيَوَانِ وقال في الْوَاضِحِ إنْ ثَبَتَ فَلَا قَوَدَ في مَيِّتٍ وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّ له أَرْشَهُ مُطْلَقًا قِيَاسًا على قَوْلِهِ في عَيْنِ الْأَعْوَرِ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وهو أَشْبَهُ بِكَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا في شَلَلِ الْعُضْوِ وَصِحَّتِهِ فأيهما [فأيها] يَقْبَلُ قَوْلَهُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ عَكْسَ قَوْل ابن حَامِدٍ في أَعْضَاءٍ بَاطِنَةٍ لِتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ إنْ اتَّفَقَا على صِحَّةِ الْعُضْوِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ وَمَارِنِهِ أو شَفَتِهِ أو حَشَفَتِهِ أو أُذُنِهِ أُخِذَ مِثْلُهُ يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأصحاب في غَيْرِ قَطْعِ بَعْضِ اللِّسَانِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَذَلِكَ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا قَوَدَ بِبَعْضِ اللِّسَانِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَصُّ من السِّنِّ حتى يُؤْيَسَ من عَوْدِهَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ هذا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأصحاب إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَ في سِنِّ الْكَبِيرِ وَنَحْوِهَا الْقَوَدَ في الْحَالِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأصحاب فإن سِنَّ الْكَبِيرِ إذَا قُلِعَتْ يَيْأَسُ من عَوْدِهَا غَالِبًا. قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ قبل الْيَأْسِ من عَوْدِهَا فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَلَا قِصَاصَ فيها يَجِبُ دِيَتُهَا إذَا مَاتَ قبل الْيَأْسِ من عَوْدِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عليه بَلْ تَذْهَبُ هَدَرًا كَنَبْتِ شَيْءٍ فيه قَالَهُ في الْمُنْتَخَبِ.
فائدة: الظُّفْرُ كَالسِّنِّ في ذلك وَلَهُ في غَيْرِهِمَا الدِّيَةُ وفي الْقَوَدِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا له الْقَوَدُ حَيْثُ شَرَعَ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له الْقَوَدُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ اُقْتُصَّ من سِنٍّ فَعَادَتْ غَرِمَ سِنَّ الْجَانِي ثُمَّ إنْ عَادَتْ سِنُّ الْجَانِي رَدَّ ما أَخَذَ هذا الْمَذْهَبُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأصحاب وَنَقَل ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ فِيمَنْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ ثُمَّ نَبَتَتْ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ ما أَخَذَ قال ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في بَابِ ذِكْرِ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا في أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي.
فائدة: حَيْثُ قُلْنَا يَرُدُّ ما أَخَذَ فإنه لَا زَكَاةَ فيه كَمَالٍ ضَالٍّ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي. قَوْلُهُ: النَّوْعُ الثَّانِي الْجُرُوحُ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ في كل جُرْحٍ يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ كَالْمُوضِحَةِ وَجُرْحِ الْعَضُدِ وَالسَّاعِدِ وَالْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وَقِيلَ له في رِوَايَةِ أبي دَاوُد الْمُوضِحَةُ يُقْتَصُّ منها قال الْمُوضِحَةُ كَيْفَ يُحِيطُ بها. قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ في غَيْرِ ذلك من الشِّجَاجِ وَالْجُرُوحِ كما دُونَ الْمُوضِحَةِ وَأَعْظَمَ منها إلَّا أَنْ تَكُونَ أَعْظَمَ من الْمُوضِحَةِ كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مُوضِحَةً بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ له على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي وقال ابن حَامِدٍ له ما بين دِيَةِ الْمُوضِحَةِ وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ فَيَأْخُذُ في الْهَاشِمَةِ خَمْسًا من الْإِبِلِ وفي الْمُنَقِّلَةِ عَشْرًا وفي الْمَأْمُومَةِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَثُلُثًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ فَلَوْ أَوْضَحَ إنْسَانًا في بَعْضِ رَأْسِهِ مِقْدَارُ ذلك الْبَعْضِ جَمِيعُ رَأْسِ الشَّاجِّ وَزِيَادَةٌ كان له أَنْ يُوضِحَهُ في جَمِيعِ رَأْسِهِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وفي الْأَرْشِ لِلزَّائِدِ وَجْهَانِ قال في الْوَجِيزِ وفي بَعْضِ إصْبَعٍ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الزَّائِدِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي قال الْقَاضِي هذا ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الزَّائِدِ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي له الْأَرْشُ لِلزَّائِدِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَبَعْضُ الْأصحاب قَالَهُ الشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ.
فائدة: لو كانت الصِّفَةُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ أَوْضَحَ كُلَّ رَأْسِهِ وكان رَأْسُ الْجَانِي أَكْبَرَ منه فَلَهُ قَدْرُ شَجَّتِهِ من أَيِّ الْجَانِبَيْنِ شَاءَ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ وَمِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْضًا وَأَمَّا إذَا كانت الشَّجَّةُ بِقَدْرِ بَعْضِ الرَّأْسِ مِنْهُمَا لم يُعْدَلْ عن جَانِبِهَا إلَى غَيْرِهِ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ في قَطْعِ طَرَفٍ أو جُرْحٍ مُوجِبٍ لِلْقِصَاصِ وَتَسَاوَتْ أَفْعَالُهُمْ مِثْلُ أَنْ يَضَعُوا الْحَدِيدَةَ على يَدِهِ وَيَتَحَامَلُوا عليها جميعا حتى تَبِينَ فَعَلَى جَمِيعِهِمْ الْقِصَاصُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَشْهُرُ الرِّوَايَتَيْنِ وهو الذي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا قِصَاصَ عليهم وَالْحُكْمُ هُنَا كَالْحُكْمِ في قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَشَرْطُهُ كما قال الْمُصَنِّفُ أَمَّا لو تَفَرَّقَتْ أَفْعَالُهُمْ أو قَطَعَ كُلُّ إنْسَانٍ من جَانِبٍ فَلَا قِصَاصَ رِوَايَةً وَاحِدَةً كما قال.
فائدة: قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ لو حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ منهم أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ يَدَ أَحَدٍ حَنِثَ بهذا الْفِعْلِ وَكَذَا قال أبو الْبَقَاءِ إنَّ كُلًّا منهم قَاطِعٌ وَكَذَا قال أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وقال أبو الْبَقَاءِ إنَّ كُلًّا منهم قَاطِعٌ لِجَمِيعِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: وَسِرَايَةُ الْجِنَايَةِ مَضْمُونَةٌ بِالْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ فَلَوْ قَطَعَ إصْبَعًا فتأكلت أُخْرَى إلَى جَانِبِهَا وَسَقَطَتْ من مَفْصِلٍ أو تأكلت الْيَدُ وَسَقَطَتْ من الْكُوعِ وَجَبَ الْقِصَاصُ في ذلك بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَإِنْ شُلَّ فَفِيهِ دِيَتُهُ دُونَ الْقِصَاصِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ابن أبي مُوسَى لَا قَوَدَ بِنَقْصِهِ بَعْدَ بُرْئِهِ. قَوْلُهُ: وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ قِصَاصًا فَسَرَى إلَى النَّفْسِ فَلَا شَيْءَ على الْقَاطِعِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو اقْتَصَّ قَهْرًا مع حَرٍّ أو بَرْدٍ أو بِآلَةٍ كَالَّةٍ أو مَسْمُومَةٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَعِنْدَ الْقَاضِي يَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ وقال ابن عَقِيلٍ من له قَوَدٌ في نَفْسٍ وَطَرَفٍ فَقُطِعَ طَرَفُهُ فَسَرَى أوصال من عليه الدِّيَةُ فَدَفَعَهُ دَفْعًا جَائِرًا فَقَتَلَهُ هل يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ كما يُجْزِئُ إطْعَامُ مُضْطَرٍّ عن كَفَّارَةٍ قد وَجَبَ عليه بَدَلُهُ له وَكَذَا من دخل مَسْجِدًا وَصَلَّى قَضَاءً وَنَوَى كَفَاهُ عن تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فيه احْتِمَالَانِ. قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَصُّ من الطَّرَفِ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عليه أَنْ يُقْتَصَّ من الطَّرَفِ قبل بُرْئِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا بَلْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ الْقَوَدُ قبل بُرْئِهِ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ من قَوْلِنَا إنَّهُ إذَا سَرَى إلَى السِّنِّ يُفْعَلُ بِهِ كما فَعَلَ.
فائدة: قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَّ قبل ذلك بَطَلَ حَقُّهُ من سِرَايَةِ جُرْحِهِ فَلَوْ سَرَى إلَى نَفْسِهِ كان هَدَرًا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ قد دَخَلَهُ الْعَفْوُ بِالْقِصَاصِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ.
|